خطبة عن البلاء ودعاء لرفع البلاء


الخطبة الأولى ( اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ) الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد أيها المسلمون يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (107) يونس ،وقال الله تعالى : (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) يونس ،وقال الله تعالى 🙁وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (53) :(54) النحل إخوة الإسلام كَمَا يُصَابُ الأَفرَادُ وَتُبتَلَى الأُسَرُ، تُصَابُ المُجتَمَعَاتُ وَتُبتَلَى الأُمَمُ، فَيَتَعَسَّرُ مَا كَانَ يَسِيرًا، وَيَقِلُّ مَا كَانَ كَثِيرًا، وَيَغلُو مَا كَانَ رَخِيصًا، وَيَضعُفُ مَن كَانَ ذَا قُوَّةٍ وَهَيبَةٍ، وَيَذِلُّ مَن كَان ذَا عِزَّةٍ وَشِدَّةٍ، وها هو العالم أجمع ،يمر اليوم بلحظات عصيبة ،ومواقف مؤلمة ،بعد أن اجتاحته الأوبئة ،وانتشرت به الأمراض المعدية والفتاكة ،فملئت المستشفيات بالمرضى ،وحار الناس في دفن الموتى ،وأغلق الناس عليهم بيوتهم ،وتوقف العمل ،وعم الكساد ،وانهارت أسواق المال ،وقل الزاد ،وانتشر الخوف والهلع ،وأصبح الناس غير آمنين على مستقبلهم ،وَيَبحَثُ الجَمِيعُ وَيَتَسَاءَلُونَ: عَلَى مَنِ المُعتَمَدُ؟! ،وَإِلى مَنِ المَلجَأُ؟! ،وَمَن ذَا الَّذِي سَيَقضِي الحَاجَةَ ،أَو يُفَرِّجُ الكُربَةَ؟! ،وَيَتَدَرَّجُ الأَمرُ بِالنَّاسِ إِلى اللُّجُوءِ إِلى المُفَكِّرِينَ وَالعُلَمَاءِ ،والأطباء وَالكُبَرَاءِ، وَيَظَلُّ النَّاسُ في بَحثِهِم عَن حَلِّ المُتَعَقِّدِ ،وَتَيسِيرِ المُتَعَسِّرِ ،يُعَلِّقُونَ آمَالَهُم على الدولة الفلانية ٍ، أو الشركة العلانية ،ويَتَشَوَّفُونَ إِلى نَتَائِجِ تَدبِيرٍ بَشَرِيٍّ، وغَفَلَ هؤلاء عَمَّن بِيَدِهِ الخَلاصُ مِنَ المَآزِقِ وَالوَرطَاتِ، وَهَرَبَوا مِمَّن يَملِكُ حَلَّ العُقَدِ، فنقول للجميع : لَيسَ لها من دون الله كاشفة ، فلا يكَشفُ الغُمَّةِ ،وَلا يرَفعُ المَقتِ عَنِ الأُمَّةِ، وَلا يملك إِزَالَةُ البَلاءِ عَنِ المُجتَمَعِ ألا الله تعالى ، وإلا باللجوء إليه ،وَالانطِرَاحِ بَينَ يَدَيهِ، وَالعَودَةِ الصَّادِقَةِ إِلَيهِ، وَتَقوِيَةِ العِلاقَةِ بِهِ، مَعَ التَّبَرُّؤِ مِن حَولِ النُّفُوسِ وَقُوَّتِهَا، وَالانصِرَافِ عَن جُهُودِ البَشَرِ وَتَدبِيرِهِم، إِلى حَولِ اللهِ وَقُوَّتِهِ ، وَتَدبِيرِهِ وَتَوفِيقِهِ، فَمَا يَجرِي عَلَى الأَرضِ شَيءٌ إِلاَّ بِقَدَرِهِ، وَلا عَاصِمَ مِن أَمرِهِ إِلاَّ رَحمَتُهُ، وَلا يَرفَعُ القَدَرَ ،وَيَرُدُّ الشَّرَّ ،وَيَصرِفُ السُّوءَ ،ويعافي من الأمراض ،ويحفظنا من الأوبئة ،إِلاَّ الدُعَاء ،مع الأخذ بالأسباب، ففي سنن الترمذي :قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ” لا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ ” ، وَقَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ” مَا مِن مُسلِمٍ يَدعُو بِدَعوَةٍ لَيسَ فِيهَا إِثمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعطَاهُ اللهُ بِهَا إِحدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَن يُعَجِّلَ لَهُ دَعوَتَهُ، وَإِمَّا أَن يَدَّخِرَهَا لَهُ في الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَن يَصرِفَ عَنهُ مِنَ السُّوءِ مِثلَهَا ” قَالُوا: إِذًا نُكثِرُ. قَالَ: ” اللهَ أَكثَرُ ” رَوَاهُ أَحمَدُ أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ ،وندعوه ،وَلْنَكُنْ مَعَهُ بِقُلُوبِنَا وَجَوارِحِنَا، وَلْنَتَرَقَّبْ مِن حَكِيمِ أَمرِهِ ،وَلَطِيفِ تَدبِيرِهِ مَا يُغَيِّرُ مَجرَى الأُمُورَ ،وَيَقلِبُ المَوَازِينَ؛ فَإِنَّهُ – تَعَالى – هُوَ رَبُّ الكَونِ وَمُدَبِّرُهُ، فالخَلقُ خَلقُهُ ، وَالأَمرُ أَمرُهُ، وَسَيَمضِي الأَمرُ بِمَا قَضَى، وَلَن يَكُونَ إِلاَّ مَا يَشَاءُ وَيُرِيدُ، لا ما يُرِيدُهُ مَن يَظُنُّونَ اليَومَ أَنَّهُم يَتَحَكَّمُونَ في مَجرَى الأَحدَاثِ، وَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُم يُرسُونَ قَوَاعِدَهَا ،وَيُوَجِّهُونَهَا كَيفَ شَاؤُوا، فَنَسأَلُهُ أَن يَجعَلَ في قَضَائِهِ الخَيرَ لِلإِسلامِ وَالمُسلِمِينَ، فَإِنَّهُ سُبحَانَهُ القَائِلُ: ﴿ وَإِن يَمسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمسَسْكَ بِخَيرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ القَاهِرُ فَوقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 17، 18] وَهو سبحانه القَائِلُ: ﴿ وَإِن يَمسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيرٍ فَلا رَادَّ لِفَضلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107]. ، فعلى المؤمنين أن يتوجهوا إلى الله تعالى بالدعاء (اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ) ،عسى الله تعالى أن يستجيب الله تعالى الدعاء ،ويرحم العباد ، ويغير الأحوال ، أيها المسلمون ويقول الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ) الحج 38، فما يبتلي الله به عباده المؤمنين، لا يتعارض مع دفاعه عنهم؛ فإن أعظم صور هذا الدفاع هي: تثبيتهم على الحق برغم الابتلاء، وتوفيقهم للرضا بالمقدور برغم البأساء والضراء، وإعانتهم على القيام بوظائفهم وأعبائهم برغم ثقلها وشدتها، قال السعدي في تفسيره: (هذا إخبار ووعد، وبشارة من الله للذين آمنوا، أن الله يدفع عنهم كل مكروه، ويدفع عنهم كل شر ،بسبب إيمانهم، ويحمل عنهم عند نزول المكاره، ما لا يتحملون، فيخفف عنهم غاية التخفيف) ، فحصول المدافعة لا يقتضي عدم نزول البلاء، أو حصول المصائب، بل يقتضي رفعها أو تخفيفها بعد حصولها، وأن تكون عاقبتها خيرًا، فالعبرة بالخواتيم، والاعتبار بالعاقبة، إما في الدنيا وإلا في الآخرة، ومع ذلك؛ فالمؤمنون يهبهم الله من محبته، ومن الرضا، والصبر والاحتساب ما تهون به الشداد، وتسهل به الصعاب، قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: (المؤمن إذا أُوذي في الله، فإنه محمول عنه بحسب طاعته وإخلاصه، ووجود حقائق الإيمان في قلبه، حتى يُحْمَل عنه من الأذى ما لو كان شيء منه على غيره لعجَز عن حمله، وهذا من دَفع الله عن عبده المؤمن، فإنه يدفع عنه كثيرًا من البلاء، وإذا كان لابدّ له من شيء منه، دَفع عنه ثقله، ومَؤُونته، ومشقَّته، وتبعته) فابتلاء المؤمن كالدواء له، يستخرج منه الأدواء التي لو بقيت فيه أهلكته، أو نقصت ثوابه، وأنزلت درجته، فيستخرج الابتلاء والامتحان منه تلك الأدواء، ويستعد به لتمام الأجر، وعلو المنزلة ، وما يصيب المؤمن في هذه الدار أمر لازم لا بد منه، وهو كالحر الشديد، والبرد الشديد، والأمراض ، والهموم، والغموم، فهذا أمر لازم للطبيعة والنشأة الإنسانية في هذه الدار، ولحكمة أرادها الله تعالى ،ومنها: استخراج عبوديتهم وذلهم لله، وانكسارهم له، وافتقارهم إليه، وسؤالهم إياه ، ومنها: أنه سبحانه يحب من عباده تكميل عبوديتهم على السراء والضراء، وفي حال العافية والبلاء ، أيها المسلمون فليست السعادة في ألا يصيبك البلاء ،ولكن السعادة في أن يوفقك الله للصبر والاحتساب ، والدعاء واللجوء إلى رب الأرباب ،والرضا بمر القضاء، فالسعادة وطيب الحياة إنما هي في القلب، فأتعس الناس من شقي قلبه ،وإن تنعم بدنه بأنواع الشهوات، وأسعد الناس من طابت نفسه ،واطمأن قلبه، وإن حرم بدنه من شهواته، فالحياة الطيبة لا تعني تحصيل نعيم البدن بالطعام والشراب واللذة والراحة، وإنما تعني في الأساس نعيم القلب ،وطيب النفس وانشراح الصدر، وهذا لا يكون في الدنيا إلا للمؤمن ،بمحبته لربه ،وكثرة ذكره ،واستقامته على شرعه ،واتباعه لأمر نبيه صلى الله عليه وسلم.، قال ابن القيم في الجواب الكافي: قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) النازعات (40) ،(41). فالجنة مأواه يوم اللقاء، وجنة المعرفة والمحبة والأنس بالله والشوق إلى لقائه والفرح به والرضا عنه وبه مأوى روحه في هذه الدار، فمن كانت هذه الجنة مأواه ههنا ،كانت جنة الخلد مأواه يوم المعاد، ومن حرم هذه الجنة ،فهو لتلك الجنة أشد حرماناً، والأبرار في نعيم ،وإن اشتد بهم العيش ،وضاقت بهم الدنيا، والفجار في جحيم ،وإن اتسعت عليهم الدنيا، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل (97) ، وطيب الحياة جنة الدنيا، قال تعالى: (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا) الانعام 125، . فأي نعيم أطيب من شرح الصدر! ،وأي عذاب أضيق من ضيق الصدر! وقال تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يونس(62) :(64) ،فالمؤمن المخلص لله من أطيب الناس عيشاً ،وأنعمهم بالاً ، وأشرحهم صدراً ،وأسرهم قلباً، وهذه جنة عاجلة قبل الجنة الآجلة ) ،وكذلك كان حال الصحابة الكرام (رضي الله عنهم)، فقد ضيق عليهم في عيشهم ، وخوفوا من عدوهم ،ومع ذلك كانت قلوبهم مطمئنة، كما قال تعالى: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) {الأحزاب:22}. قال السعدي: إلا (إيماناً) في قلوبهم و(تسليماً) في جوارحهم. ، فللبلاء في حق المؤمنين طعم آخر، حتى أن خواصهم ليفرحون بالبلاء ،كما يفرح غيرهم بالعطاء، مع ما يدخر لهم في الآخرة من الأجر المضاعف ، وفي سنن ابن ماجه وصححه الألباني : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُوعَكُ فَوَضَعْتُ يَدِى عَلَيْهِ فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَيْنَ يَدَىَّ فَوْقَ اللِّحَافِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَشَدَّهَا عَلَيْكَ قَالَ « إِنَّا كَذَلِكَ يُضَعَّفُ لَنَا الْبَلاَءُ وَيُضَعَّفُ لَنَا الأَجْرُ ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً قَالَ « الأَنْبِيَاءُ ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ قَالَ « ثُمَّ الصَّالِحُونَ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَي بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلاَّ الْعَبَاءَةَ يُحَوِّيهَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلاَءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ ». وأما غير المؤمن : فإنه إذا امتحن يخسر دينه ودنياه ،والعياذ بالله، كما قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) {الحج:11}. وقال الله سبحانه: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ* وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ {العنكبوت:10-11}. أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم الخطبة الثانية ( اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ) الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد أيها المسلمون ألا فعليكم بالدعاء مع الأخذ بالأسباب ،ليرفع الله تعالى عنكم هذا البلاء ،ويحفظكم من هذه الجائحة ،ولا تعلقوا قلوبكم بالبلد الفلاني ،ليكتشف لكم الدواء أو المصل واللقاح ،ولكن لتتعلق قلوبكم بالله تعالى ،الذي بيده الأمر كله ،مع الأخذ بالأسباب ،ففي صحيح مسلم : (عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ » ،واحذروا من الخوف والهلع ، فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ،قال الله تعالى : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (51) التوبة ،وحافظوا على صلواتكم ، مع كثرة الوضوء ،والنظافة المستمرة ، واحذروا المعاصي والذنوب فإنها من أسباب العذاب والهلاك ،ففي سنن ابن ماجه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ».

تعليقات